ما أحوجنا دائما أن نعايش القرآن الكريم تخلقا وسلوكا ومنهجا وشريعة وحفظا وتلاوة وتعبدا وكيف لا وهو أحد الطريقين اللذين من تمسك بهما لن يضل أبدا الكتاب والسنة .
إعجازاته لا تتناهى وعطاءاته لا تنفد وبركاته لا تنقضي ومن هذه البركات التي نود التذكير بها سلسلة معالم المعرفة القرآنية هذه السلسلة التي تحتوي على الأجزاء التالية :
الجزء الأول : المراد بمَعَالِم المعرفة القرآنيّة .
الجزء الثاني : معرفة الله تعالى والإيمان به عَزّ وجَلّ .
الجزء الثالث : معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم .
الجزء الرابع : معرفة الرسل والملائكة والكتب السماوية .
الجزء الخامس : معرفة اليوم الآخِر .
الجزء السادس : معرفة مكانة العِلْم والعلماء .
الجزء السابع : معرفة دَوْر العقل وصفات أُولِي الألباب .
الجزء الثامن : معرفة نشأة الإنسان وأحواله ومنزلته ورسالته ومصيره .
الجزء التاسع : معرفة عدوّ الإنسان .
الجزء العاشر : معرفة سبل أمْن المجتمع وطُرُق هلاكه وتدميره .
ونبدأ مستعينين بالله عزوجل ببيان الجزء الأول .
الجزء الأول : المراد بمعالم المعرفة القرآنية .
إن الوقوف على معاني معالم المعرفة القرآنية يستدعي منا بيان الموضوعات التالية :
1- تعريف القرآن الكريم .
2- تعريف المعالم .
3- تعريف المعرفة .
4- حصر معالم المعرفة القرآنية .
5- الفرق بين علوم القرآن معالم المعرفة القرآنية .
ونفصل القول في كل واحد منها فيما يلي :
أوّلاً - تعريف القرآن الكريم :
القرآن : أحد أسماء الكِتَاب العزيز ، والتي حَصَرَهَا البعض في خمسة وخمسين اسماً .وهو لغةً : مَصْدَر " قرأ " ، كـ" الرجحان " و" الغفران " ، سُمِّي به الكِتَاب المقروء مِنْ باب تسمية المفعول بالمَصْدَر . وقيل : إنّه وَصْف على " فعلان " مُشْتَقّ مِنَ " القرء " بِمَعْنَى الجَمْع . ومِنْه : " قرأْتُ الماء في الحوض " أيْ جَمَعْتُه .
قال أبو عُبَيْدَة رحمه الله تعالى : سُمِّي بذلك لأنّه جَمَع السُّوَر بَعْضَهَا بِبَعْض. ) يُرَاجَع : الإتقان في علوم القرآن /50 ، 51 والمفردات /52 والكليات /722 ومختار الصحاح /522 والمصباح المنير 2/502 وبصائر ذوي التمييز 1/84 )
وذَكَر د./ مُحَمَّد عبد الله دراز ـ رحمه الله تعالى ـ أنّه رُوعِي في تسميته " قرآناً " كَوْنُه مَتْلُوّاً بالألسُن ، كَمَا رُوعِي في تسميته " كِتَاباً " كَوْنُه مُدَوَّناً بالأقلام ، فَكِلْتَا التَّسْمِيَتَيْن مِنْ تسمية الشيء بالمَعْنَى الواقع عَلَيْه .
وفي تسميته بهذيْن الاسْميْن إشارة إلى أنّ مِنْ حَقِّه العناية بِحِفْظِه في موْضعيْن لا في موضِع واحِد ، أيْ يجب حِفْظُه في الصدور والسطور جميعاً (يُرَاجَع : النبأ العظيم /12 ، 13) .
والقرآن اصطلاحاً : هو كلام الله تعالى المُنزل على مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم ، المنقول إلينا تواتراً ، المُتَعَبَّد بتلاوته ، المُتَحَدَّى بأَقْصَر سورة مِنْه.( يُرَاجَع : جَمْع الجوامع مع حاشية البناني 1/223 والبحر المحيط 1/441 ، 442 ومباحث في علوم القرآن /16 ، 17) .
ثانياً - تعريف المَعَالِم :
المَعَالِم : جَمْع " مَعْلَم " ..
وهو في اللغة : الأثر الذي يُسْتَدَلّ به على الطريق .
ومْعَلَم الطريق : دلالته . والمَعْلَم : ما جُعِل علامةً وعَلَماً لِلطريق والحدود ، مِثْل : أعلام الحَرَم ومَعَالِمه المضروبة عَلَيْه (يُرَاجَع : لسان العرب 12/419 ، 420)
ثالثاً - تعريف المعرفة :
والمعرفة : مصدر ميميّ مِنْ " عَرَفَه معرفةً " عَلِمَه . وعَرَّفه الأمرَ : أَعْلَمَه إيّاه .
وعَرَّفه بَيْتَه : أَعْلَمَه مكانَه.( يُرَاجَع : تاج العروس 6/192 والقاموس المحيط 3/178 ولسان العرب 9/236 ) .
وعلى ضوء ما تقدَّم يصبح المراد بمَعَالِم المعرفة القرآنيّة : الجوانب أو الطُّرُق التي يَرْمِي القرآن الكريم إلى أنْ يَعْلَمَهَا الإنسان .
رابعا :حَصْر مَعَالِم المعرفة القرآنيّة :
إنّ حَصْر الجوانب المعرفيّة أو مَعَالِم المعرفة القرآنيّة أمْر يَحتاج إلى جهْد ومشقة كبيرة ، خاصّة ًفي زمننا هذا الذي أكَّد العِلْم الحديث صِدْقَ ما وَرَد في القرآن الكريم مِنْ حقائق علميّة ..
فجوانب المعرفة في القرآن ليست قاصرةً على نَوْع معيَّن مِنَ العِلْم ، كَمَا أنّ التفكير الذي يَحُثّنَا عَلَيْه القرآن الكريم لَيْس مقصوراً في نطاق مِنَ المعرفة محدد ، فإنّ العِلْم الذي ينوِّه به القرآن الكريم عامّ يَشْمَل أنواع العلوم كُلّهَا .
والتفكير الذي يدعو إليه القرآن الكريم فسيح يتسع لألوان التفكير كُلِّها لأنّ ثُمْن القرآن الكريم تقريباً آيات متصلة بالعلوم العامة ، والبقية عقائد وعبادات وتشريع وأخلاق وتاريخ.( يُرَاجَع : مع القرآن /122 )
وقَدْ حَصَر البعض الآيات التي تدْخل جميعها تَحْت نطاق العلوم فيما يزيد عَنْ تسعمائة آية ، وهناك العديد مِنَ الآيات التي لَمْ يَتَّضِحْ بَعْدُ حقيقة ما تعنيه أو ما ترمي إليه ، ولكنْ كُلَّمَا اتَّسَعَتْ آفاق معرفتنا بالأشياء وتقدَّم بنا رَكْب المدنيّة وَصَلْنَا إلى فَهْم أَدَقّ وإدراك أَعْمَق لِتِلْك الآيات التي تؤكِّد يوماً بَعْد يوم أنَّه تنزيل مِنْ حكيم حميد(يُرَاجَع : القرآن والعِلْم /10).
وفي هذا يقول السيوطي رحمه الله تعالى :" وإنّ كِتَابَنَا لَهُوَ مُفَجّر العلوم ومَنْبَعُهَا ، ودائرة شَمْسِهَا ومَطْلَعُهَا ، وأَوْدَع فيه سبحانه وتعالى عِلْمَ كُلِّ شيءٍ ، وأبان فيه كُلَّ هدىً وغَيٍّ ، فَتَرَى كُلَّ ذي فَنٍّ مِنْه يَسْتَمِدّ وعليه يَعْتَمِد " ا.هـ (يُرَاجَع : الإتقان في علوم القرآن 1/6) .
ويقول الزركشي رحمه الله تعالى :" ولَمّا كانت علوم القرآن لا تَنْحَصِر ومعانيه لا تُسْتَقْصَى وَجَبَتِ العناية بالقَدْر الممكن " (يُرَاجَع : البرهان في علوم القرآن 1/9 ) ا.هـ .
ويقول الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى :" إنّ القرآن وإنْ كان لا يَخْلُو النّاظر فيه مِنْ نُور ما يريه ونَفْع ما يوليه فإنّه :
كالبـدر مِــنْ حَــيْـث الْتَفَـتَّ رَأَيْـتَـهُ يهْــدِي إلى عيْنيْك نـورا ًثـاقـبَـا
كالشَّمْس في كَبِد السماء وضوءُهَا يَغْشَى البِلاَدَ مَشـارقـاً ومَغاربَـا
(يُرَاجَع : المفردات /2)كالشَّمْس في كَبِد السماء وضوءُهَا يَغْشَى البِلاَدَ مَشـارقـاً ومَغاربَـا
واليوم حينما نتبع سلفنا الصالح في التسليم بأنّ علوم القرآن الكريم ـ بالمعنى الواسع ـ يصعب حصْرها وأنّ عجائب القرآن الكريم لا تَنقضي لا نَكون مجاملين ولا مبالغين ؛ وإنَّمَا هي الحقيقة التي أكَّدَتْهَا البحوث والدراسات العلميّة المعاصرة ..
فلقدْ حُكِي أنّ طبيباً نصرانيّاً حاذقاً سأل الحسينَ بن عَلِيّ بن الواقدي : لماذا لَمْ يُنْقَلْ شيء في كِتَابِكُمْ عَنْ عِلْم الطب والعِلْم عِلْمَان : عِلْم الأبدان وعِلْم الأديان ؟ فقال الحسين : إنّ الله تعالى بَيَّن عِلْم الطب كُلّه في نِصْف آية . فسأل الطبيب النصراني عَنْ هذه الآية ، فقال الحسين : هي قوله تَبَارَك وتعالى { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا } (سورة الأعراف مِنَ الآية 31) ما أَحَلّ الله لكم مِنَ المطعومـات والمشروبـات { وَلا تُسْرِفُوا } (سورة الأعراف مِنَ الآية 31). أيْ : لا تتعدّوا إلى الحرام ، ولا تُكْثِروا الإنفاق المستقبَح ، ولا تنالوا مقداراً كثيراً يضرّكم ولا تحتاجون إليه . ثُمّ سأل الطبيب : أقال نبيّكم شيئاً في هذا الأمر ؟ فقال الحسين : إنّ نبيّنا صلى الله عليه وسلم ـ أيضاً ـ جَمَع الطب في ألفاظ يسيرة . فسأل الطبيب عَنْهَا ، فقال الحسين : هي هذه { الْمَعِدَةُ بَيْتُ الدَّاءِ ، وَالْحَمِيَّةُ رَأْسُ كُلِّ دَوَاءٍ ، وَأَعْطِ كُلَّ بَدَنٍ مَا عَوَّدْتَه } . ( لم يثبت هذا الحديث أكثر المحدثين ) والأولى أن يستدل بقوله صلى الله عليه وسلم : ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة ، فثلث لطعامه ، و ثلث لشرابه ، و ثلث لنفسه . (صححه الألباني في صحيح الجامع الصغير ) . فقال الطبيب : الإنصاف أنّ كِتَابَكُمْ ونَبِيَّكُمْ ما تَرَكَا حاجةً إلى جالينوس (يُرَاجَع : زاد المسير 2/188 والفواكه الدواني 2/317 وإظهار الحقّ 3/783 ، 784 ).
وقد حكت أختنا وأستاذتنا الدكتورة عائشة عبد الرحمن ( بِنْت الشاطئ ) ـ رحمها الله تعالى ـ : أنّ فقيهاً سأله سائل عَنْ قوله تعالى { مَا فَرَّطْنَا فِى الْكِتَـبِ مِن شَىْء } (سورة الأنعام مِن الآية 38 ) : فهلْ يعْلَم مِنَ القرآن كَمْ رغيفاً يُخْبَز مِنْ أردب قَمْح ؟!قال : نعم .. واتَّصَل تلفونيّاً بمَخابز ( الرمادي ) فأعطاه مديرها الجواب . قال السائل : لكنّ هذا لَيْس في القرآن ؟! ورَدّ شيخنا : بَلَى في القرآن ؛ قال تعالى { فَسْئَلُوا أَهْلَ الذّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُون } (سورة الأنبياء مِن الآية 7 ) ، وقَدْ فَعَلْتُ (يُرَاجَع : القرآن وقضايا الإنسان /429) .
كَمَا شَهِد بذلك كثير مِنَ المفكرين غَيْر المسلمين ..
مِنْهُمْ : موريس بوكاي المفكر الإنجليزي الذي يقول في كِتَابه عَنِ القرآن الكريم :" وإنّ القرآن كِتَاب مُبِين ، وكُلّه إشارات لِكُلّ العلـوم ، وهذه الإشارات هي مِنْ إعجاز القرآن ؛ لأنَّهَا جاءت بحقائق لَمْ تُكْشَفْ في عالَم الواقع إلا بَعْد أربعة عشر قَرْناً ..
وفي دراستي لِلقرآن عَجِبْتُ عِنْدما وَجَدْتُ مِثْلَ هذا العَدَد الكبير مِنَ المعطيات المطابقة تماماً لِلعلوم الحديثة وأهمّها ذلك النص الدقيق لِلخَلْق وعِلْم الفَلَك وما يتصل بالأرض وعِلْم النبات والتكامل البشري " ا.هـ(يُرَاجَع : صفحات مضيئة مِنْ تاريخ الإسلام /15 ، 16) .
خامسا :الفَرْق بَيْن علوم القرآن ومَعَالِم المعرفة القرآنيّة
لَقَدْ فَرَّق الشَّيْخ مُحَمَّد أبو شهبة ـ رحمه الله تعالى ـ بَيْن علوم القرآن بالمعنى الإضافي ـ أي العلوم التي تضاف إلى القرآن ـ وعلوم القرآن بالمعنى اللقبي : أي التي أصبحَتْ عَلَماً على الفن المدوَّن ..
أمَّا الأول : فالمراد به كُلّ المعارف والعلوم المتصلة بالقرآن ، ومِنْ ثَمّ جُمِعْ لفْظ " علوم " ولَمْ يُفْرَدْ ؛ لأنّ المراد شمول كُلّ عِلْم يَبحث في القرآن مِنْ أيّ ناحية مِنْ نواحيه المتعددة .
وأمّا الثاني : فموضوعه القرآن الكريم مِنْ حيث نزوله وترتيبه وكتابته وجَمْعه وقراءاته وتفسيره ومَجازه وناسخه ومنسوخه ومُحْكَمه ومتشابهه ... إلى غَيْر ذلك مِنْ مباحث علوم القرآن (يُرَاجَع : المدخل لِدراسة القرآن الكريم /24 ) .
وعلوم القرآن بالمعنى اللقبي كثيرة ، قال فيها السيوطي رحمه الله تعالى :" فهذه ثمانون نوعاً على سبيل الإدماج ، ولو نَوَّعْتُ باعتبار ما أَدْمَجْتُه في ضِمْنِهَا لَزادت على الثلاثمائة ، وغالب هـذه الأنواع فيها تصانيف مُفْرَدَة وَقَفْتُ على كثير مِنْهَا " ا.هـ(يُرَاجَع : الإتقان 1/20) .
وعلوم القرآن بالمعنى الإضافي : وهي العلوم التي تتصل بالقرآن الكريم لِلنص عليها أو الإشارة إليها : كَعِلْم الفَلَك ، والطب ، وعِلْم الحيوان وعِلْم الأَجِنّة ، وعِلْم الزراعة ، والعلوم الطبيعية ، وعِلْم النبات ، والعلوم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية ونَحْوها .
واليوم ـ ولله الحمد والمنّة ـ كَثُرَت المؤلفات في هذه الجوانب التي تؤكِّد ـ وعلى ضوء الاكتشافات العلمية الحديثة ـ صِدْق ما وَرَد مِنْ آيات قرآنيّة في هذه المجالات ، ولَيْس ذلك فحَسْب ؛ وإنَّمَا هي انطلاقة جديدة لاستخراج لآلئ أخرى مِنْ هذا البحر الزاخر الذي لا تنقضي عجائبه لِنَقِف مِنْ خلالهـا على بَعْض المَعَالِم التي يرمي القرآن الكريم إلى أنْ يقف الإنسان عامّةً والمُسْلِم خاصّةً على حقيقتها وأنْ يَعرفها ويَعلمها ؛ لِعَظِيم أثرِها وقوة تأثيرها في سلوكه وأخلاقه وحياته كُلّهَا .
هذه المَعَالِم المعرفية غايتها تحقيق سعادة العبد في الدنيا وعمارة الأرض وفْق المنهج الإلهي والفوز والنجاة في الآخرة .
ونظراً لأنّ مَعَالِم المعرفة القرآنيّة يَصعب حَصْرُهَا في بَحْثٍ كهذا أو مجلَّد واحد فقدْ رأيتُ الاكتفاء بإيراد تسعة مِنْهَا ؛ لأقف معها شرحاً وتفصيلاً ، ثُمّ أوضِّح الأثر التربوي لِكُلّ مَعْلَم مِنْهَا.
انتهى الجزء الأول يليه الجزء الثاني بعنوان معرفة الله تعالى والإيمان به عَزّ وجَلّ .
( يرجى نشره لتعم الفائدة ولا تنس ذكر المصدر )
الشيخ الدكتور إسماعيل عبد الرحمن
أستاذ أصول الفقه المشارك
بجامعتي الأزهر الشريف والملك سعود
www.alazhary2.blogspot.com
أستاذ أصول الفقه المشارك
بجامعتي الأزهر الشريف والملك سعود
www.alazhary2.blogspot.com



1 التعليقات:
اللهم من اعتز بك فلن يذل،
ومن اهتدى بك فلن يضل،
ومن استكثر بك فلن يقل،
ومن استقوى بك فلن يضعف،
ومن استغنى بك فلن يفتقر،
ومن استنصر بك فلن يخذل،
ومن استعان بك فلن يغلب،
ومن توكل عليك فلن يخيب،
ومن جعلك ملاذه فلن يضيع،
ومن اعتصم بك فقد هدى إلى صراط مستقيم،
اللهم فكن لنا وليا ونصيرا، وكن لنا معينا ومجيرا، إنك كنت بنا بصيرا
شكرا لك اخي الكريم على الموضوع الجميل
إرسال تعليق
شاركنا برأيك ولا تمر مرور الكرام