يوم عرفة مواعظ وعبر

الاثنين، 14 أكتوبر 2013

بقلم فضيلة الدكتور اسماعيل عبد الرحمن

الحمد لله الذي جعل يوم عرفه من أفضل الأيام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يهبط إلى السماء الدنيا عشية عرفة فيباهي بأهل عرفة ملائكته .
وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله وصفيه من خلقه وخليله خير من وقف على عرفات حيث تنزل النفحات والبركات صلوات الله وسلامه عليك وعلى آلك وصحبك ومن تبع هداك إلى يوم الدين ... وبعد،
فيا عباد الله يقول الله عز وجل " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين * ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " .
فتلك الساعة المباركة من هذا اليوم المبارك في هذا الشهر الحرام يقف حجاج بيت الله على عرفات لابسين لباس الموتى وهي الثياب البيض ليدل مظهرهم أنهم قد تركوا ما يشغلهم عن طاعة الله عز وجل من أهل ومال وولد خرجوا يلتمسون الرحمة والمغفرة والرضوان حناجرهم تكاد أن تنقطع من كثرة الدعاء قلوبهم بكت قبل أعينهم على ما فاتهم وكيف لا يفعلون ذلك وكل منهم يريد أن يرجع بحج مبرور وذنب مغفور وتجارة لن تبور .
ولقد وقف رسولنا صلى الله عليه وسلم وكادت الشمس أن تثوب فقال" يا بلال أنصت لي الناس " فقام بلال فقال أنصتوا لرسول الله
صلى الله عليه وسلم فأنصت الناس فقال صلى الله عليه وسلم " يا معشر الناس أتاني جبريل عليه السلام آنفا فأقرأني من ربي السلام وقال أن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر الحرام وضمن عنهم التبعات " فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله : هذا لنا خاصة قال " هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة " فقال عمر : كثر خير الله وطاب .
وفي هذا اليوم تطير قلوب المؤمنين شوقا إلى عرفات وهناك من ينفر ويكره يوم عرفة فهو يوم أسود بالنسبة له وهذا خاص بإبليس وجنده ومن على شاكلته يقول
صلى الله عليه وسلم"ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة " ، وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام.
وعن عطاء قال إنما سميت عرفه لأن جبريل كان يري ابراهيم عليه السلام المناسك فيقول عرفت عرفت فسميت عرفا وقيل لأن آدم وحواء عندما أنزلهما الله تعالى من الجنة نزلا متفرقين ثم اجتمعا وتعارفا على عرفة وقيل لأن المسلمين من كل بلاد العالم يتعارف بعضهم بعضا في هذا المكان الطاهر .
وفي عرفة وجب علينا أن نتذكر أعظم النعم ألا وهي إكمال الدين فلا يحتاجون إلى دين غير دينهم ولا نبي غير نبيهم ولا إلى كتاب غير كتابهم فلا حلال إلا ما أحله الله ولا حرام إلا ما حرمه الله ومصداقا لذلك نزلت هذه الآية الكريمة على رسولنا
صلى الله عليه وسلميوم عرفة قال تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " .
وجاء رجل يهودي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه  فقال يا أمير المؤمنين إن في كتابكم آية لو علينا نزلت لاتخذنا ذلك يوم عيدا قال وأي آية ؟
قال قوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا " ، فقال عمر رضي الله عنه والله إني لأعلم في أي يوم نزلت وفي أي ساعة نزلت نزلت عشية عرفة في يوم الجمعة .
وكلاهما بحمد الله لنا عيدا واليوم يجب على أتباع هذا الدين الذي لم يترك أمرا من أمور الدنيا والآخرة حتى وضحه فلقد أكمله الله تعالى وحافظ على كماله السابقون في سلفنا الصالح فكانت عقيدتهم أن الإسلام عقيدة وشريعة سلوك ومنهج ولم يتركوا أمرا من السماء إلا ونفذوه لا يهابون إلا الله ومن خاف الله أخاف الله منه كل شيء وأما من لم يخف الله أخافه الله من كل شيء .
كانوا لا يضحون فقط بأغنامهم كما نضحي اليوم امتثالا لأمر ربهم بل كانوا يضحون بأوقاتهم ويضحون بأبدانهم وأرواحهم في سبيل الله وللدفاع عن كرامة الإسلام وعزة المسلمين .
فلقد رأينا أحدهم عندما شاهد يهوديا كشف عورة امرأة مسلمة قام فقتلها حدث هذا في سوق الذهب بالمدينة المنورة من يهودي يتاجر في الذهب .
أما اليوم فبعض من نسائنا المسلمات هداهن الله تعالى يكشفن عوراتهن بدون كاشف ورغبة منهن مسايرة للموضة والحضارة وطاعة للشيطان وتشبها بغير عباد الرحمن ومن تشبه بقوم فهو منهم وليس ذلك فحسب فإن المصيبة تكون أعظم يوم أن تجد المسلم ابن المسلم يأمر زوجته بالتبرج وكشف عورتها منتهكا حرمة الله عز وجل عاصيا للرحمن .
إن المسلمين اليوم لم يأخذوا بهذا الدين الكامل كما أمر ربنا وفعل سلفنا الصالح ففى كثير من بلاد الإسلام نرى قصر الإسلام على بعض جوانب الحياة دون البعض وفى هذا الأخذ يستعينون بغير الله ويعتمدون على غيره وربما تجد كثيرا من قوانين دولنا الإسلامية وتشريعاتها لا تستمد من شريعة الإسلام فلو دخلت المحاكم اليوم تجد انها فى جانب والقرأن فى جانب هل لأن القران ناقص أو لا يصلح للتطبيق ؟ وحاشا لله أن يكون كذلك أم أن الاستعمار ما زال رابضا في ديارنا فكرا وسلوكا وقانونا ومنهجا وكل القائمون على ذلك من جلدتنا وينتسبون إلى الإسلام ومع ذلك كل دولنا تدعى وتهلل وترقص فرحا فى يوم من الأيام كل عام هو ما يسمى بعيد الاستقلال والحرية .
وفى النهاية لا يفوتنا فى هذا اليوم الأعز المبارك أنندعو الله أن يحفظ بلدنا من كل شر وأن يغفر لنا ويرحمنا فهو على كل شيء قدير

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا برأيك ولا تمر مرور الكرام