الإسـلام.. والاحتفـاظ بالأثـار

الجمعة، 14 ديسمبر 2012

الآثار لدي الأمم والشعوب. ذاكرة للماضي. عظة للحاضر. استشراف للمستقبل. سواء ارتبطت بقضايا دينية منسوبة إلي السماء. أو وضعية بشرية. أو غير ذلك.
الإسلام لا يحظر علي الشعوب والدول والأمم الاحتفاظ بهذه الآثار كجزء مكون لحضارات وعمل ثقافي شاهد ناطق علي مسيرة البشرية والحضارات الإنسانية ولقد فقه صدر الأمة من أئمة العلم الذين وهبهم المولي الكريم سبحانه ـ نور الفهم فلم يبيدوا آثار الفرس ولم يعتدوا علي آثار بالعراق ولا الشام ولا مصر ولم ترد أية قرآنية محكمة ولا حديث نبوي عدا أثر "تمثالا إلا طمسته" ـ لعلة العبادة من دون الله ـ عز وجل ـ لذا لا تتعدي هذه "العلة" إلي ما سواها من الفنون الجميلة والتي كان للفنانين المسلمين العرب وغير العرب بالأندلس ـ أسبانيا ـ الابداع في الفنون الجميلة المجسمة وغير المجسمة. ولا تزال محاريب ومنابر وأنمطة معمارية في مساجد وأسبلة وأربطة وقلاع وغيرها شاهدة بسلامة الإدراك وحسن التناول وسمو الابداع وفي القوم قراء ومفسرون للقرآن الكريم وحفاظ وشراح للأحاديث النبوية وأئمة للفقه والعقيدة. دون نكير!.
لأن المجتمع آنذاك كان له الفهم السديد ولم يعان من "وساوس" و"هلاوس" الشرك العقائدي! ولا معاداة الحضارة. ولا نهج "الانتقاء" و"الاجتزاء" لظواهر بعض "النصوص"! لذا سلمت هذه الفنون الجميلة. والآثار معالم وتراث!
وفي الوقت الحاضر قريب منه حصل تدمير لمعالم إسلامية ما كان لها أن تزول! لتبرير هو عين التزوير. وجدت في أمهات المصنفات العلمية الشرعية عهود طوال. ولا وجود لها الآن وتماثليها تنتظر نفس المصير المأساوي المفجع لتكون الأمة المسلمة مجردة عن تراثها ومعالمها وفنونها الإبداعية! وبالمثال يتضح المقال:
1 ـ المحصب أو الأبطح: سمي محصبا لكثرة الحصباء فيه وهي الحصي الصغيرة. وسمي الأبطح من البطحاء وهي الحصي الصغار. وكان مسيلا لوادي مكة تجرف إليه السيول والرمال والحصي ويقع الآن بين القصر الملكي السعودي ـ حسب ما ذكرته الموسوعة الفقهية الكويتية 17/69 وجبانة المعلي والتحصيب من مستحبات الحج ينزل الحاج فيه في نفره من مني ويصلي فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء "شرح الرسالة 1/481. الشرح الكبير 2/52 وما بعدها. المهذب بشرحه 8/195 وما بعدها. المغني 3 ر 457" وروت أم المؤمنين سيدتنا عائشة رضي الله عنها ـ نزول سيدنا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم فيه. في الحج... "فتح الباري 3/591". صحيح مسلم 2/.951
صار المحصب الآن أثراً بعد عين حيث صار ضمن البنيان!!
2 ـ مسجد إبراهيم ـ عليه السلام: تذكر المصنفات التراثية مثل: إعلام الساجد بأحكام المساجد. والحاوي للماوردي. وقليوبي وعميرة. وما أوردته الموسوعة الفقهية الكويتية المعاصرة ـ 37/229 وما بعدها: فقدم مسجد إبراهيم في طرف وادي عرنة لا في عرفات. وآخره في عرفات. ويسمي الآن مسجد "نمرة" بعرفات.
3 ـ أسماء المواقيت المكانية للإحرام بالحج: تبدلت وتغيرت فيما لا علم لي به:
أ ـ ذو الحليفة "ميقات أهل المدينة المنورة. ومن مر بها من غير أهلها. تسمي الآن "آبار علي".
ب ـ الجحفة: ميقات أهل الشام. ومن جاء قبلها من مصر والمغرب. تسمي الآن "رابغ".
جـ قرن المنازل: ميقات أهل نجد. وتسمي الآن "السيل"
د ـ يلملم: ميقات أهل اليمن. ومن مر بها. تسمي حاليا "السعدية"
هـ ـ ذات عرق: ميقات أهل العراق. وسائر أهل المشرق.
حدد هذه المواقيت للإحرام بالحج والعمرة سيدنا رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ بأخبار صحيحة منها: صحيح البخاري كتاب الحج. باب مهل أهل مكة للحج والعمرة 2/134. صحيح مسلم 4/5 وما بعدها.
فهذه المسميات المسماة بالنص النبوي غيرت وبدلت!!
4 ـ معالم في المسجد النبوي المحمدي: يحلو للبعض تسميته مسجد المدينة!. تغييراً للحديث الشريف "لا تشد الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد ـ وعد منها ـ "ومسجدي هذا ـ.." ـ متفق عليه.
فمن المعالم: اسطوانات: المخلق. القرعة "اسطوانة عائشة. والمهاجرين". والتوبة "أبي لبابة أيضاً". السرير. الحرس.
5 ـ المسجد الأقصي: الخلط بين "قبة الصخرة" و"بيت المقدس". وحركة التهويد الجارية المنفذة علي قدم وساق لمحو كل المعالم الإسلامية. وتغيير المسميات الإسلامية والعربية داخل مدينة القدس.
6 ـ مقام إبراهيم عليه السلام: في خمسينات القرن الماضي كاد أن يخرج به إلي خارج المسجد الحرام. لولا أن قيض الله ـ عز وجل ـ العالم الرباني الإمام الشيخ/ محمد متولي الشعراوي ـ رحمه الله تعالي ـ الذي استغاث بالملك ـ آنذاك ـ ودلل علي حتمية وفرضية وجوده داخل المسجد الحرام مذكراً بقول الله ـ عز وجل ـ "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي" ـ الآية 125 سورة البقرة.
7 ـ دار مولد الرسول ـ صلي الله عليه وسلم: تقع في شعب بني هاشم قديما. ويسمي الآن بشعب علي. ويسمي "سوق الليل" وهو مكان شرقي الحرم الشريف. بشارع يقال له "شارع الغزة" مغلق. عليه لافتة أو يافطة "مكتبة مكة المكرمة"!!
8 ـ دار سيدتنا خديجة ـ رضي الله عنها: وسميت مولد السيدة فاطمة الزهراء ـ رضي الله عنها ـ كانت واقعة بوسط وادي إبراهيم. مقابلة للمسعي. وكانت تسمي دار الهجرة. أقيم مكانها مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم!
9 ـ مولد حمزة ـ رضي الله عنه: تقع الدار في حارة المسفلة جنوب الحرم الشريف. وهي الآن مكتب للأطفال.
10 ـ مولد علي ـ رضي الله عنه: كانت تقع في علو شعب بني هاشم. ويسمي شعب علي شرقي الحرم الشريف. وهي دار أبي طالب التي تربي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ وهي الآن مدرسة النجاح.
11 ـ مولد عمر ـ رضي الله عنه: كانت في سفح الجبل المطل علي حارة المسفلة من الجهة الغربية. يقال إنها حاليا مسجد صغير لأهل المنطقة.
12 ـ مساجد الراية: علو مكة في سوق العلا. مسجد الإجابة: بالمحصب علي يمين الذاهب إلي مني في حارة المعابدة. مسجد خالد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ في حارة الباب غربي البيت الحرام. مسجد البيعة أو العقبة في أسفل وادي مني قبل الوصول إليها علي يسار الصاعد إلي مني. مسجد النحرة وسط مني ما بين الجمرتين الصغري والوسطي علي يمين الصاعد إلي عرفة.
لا علم لي بما ألف إليه هذه المساجد.
13 ـ مكان الخندق بالمدينة. خيمة أم معبد. الحديبية. الأخدود بنجران. وغير ذلك!!
أخص هذه المعالم لأهميتها. والتوثيق التراثي لمواطنها.
ماذا عما بقي وهو أقل القليل؟ هل تقاوم عوادي الزوال والتغيير و التبديل؟ أو تصبح مرويات وذكريات؟!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

شاركنا برأيك ولا تمر مرور الكرام